السبت، 16 مايو 2009

ترويدة ....لمحمود درويش





تمهّـلْ....تمهّـلْ
سنقرؤكَ الآنَ
سِفْـراً جديدا.!

ستقرؤكَ السندياناتُ ثانيةً....
من شقوقِ المنافي
التي صَدَعَتْ بالغيابْ ...!؟

لقد كنتَ
حين تسربلَكَ النفيُ
حتـى توهّجْتَ
أكبرَ منـَّا ...!!

وأصبحتَ
حين ترجّلتَ
حتى تفشّيتَ
أكثَرَ ...فينا ..!؟

فنم
أيها الفارسُ العفويُّ
قريراً ...شهيدا
فأنتَ الجموحُ
الذي اندلع اليومَ
حين تركتَ الحصان َوحيدا ..

وأنت الجروحُ
التي انفتقتْ
وهي تشخُبُ في ضفّتيها
ورودا ...!

وأنتَ الطموحُ
الذي ولدتك
طيورٌ من الرعْدِ
حتى تعودا ...!!؟؟

تمهّلْ
أرى الآن زيتونةً
تذرفُ الزيتَ
في حَضْرةِ الموتِ
أنقى...!!

وظلّكَ وهو يسيّجُ
قنطرة الشمسِ باقٍ
ولكن مَدّك في خضرة العشبِ
في شرفات المرايا
ورائحة البرتقالات
في لون كل الفراشات
أبقى...!!

لقد كنتَ طفلا شقيا
ولكن كل الدموع
التي شيّعَتكَ
وكل الجموع التي حملتكَ
وكل نشيج المواويلِ
وهي تواريكَ
أشقى...!

فسَبِّـلْ عيونَكَ..
مُـدَّ يديكْ ...
تحَنّيكَ ... ترويدةٌ
أنتَ فيها وما زلتَ
تعبق في زهرة اللوزِ
في نكهة الأقحوانِ
وفي كِسرة الخبزِ
أكثرَعِتقا...!!

يوسف أبوسالم
16-8-2008

هناك تعليق واحد:

روان محمد يوسف يقول...

ترويدة حزينة مليئة بشجن متواصل
قصيدة اتخذت من رتابة الإيقاع سر لوعتها
رغم أن "فعولن" مكررة في الغالب تنبض بالحياة
غير أنها في شجوها الحدائي في ترويدتك
انتهجت منهجا مغايراً كأن نبض الحياة فيها

بداية حياة أخرى بعد تلاشي ضوء شاعرها المرثيّ..
ولعل نواح الفقد جاء بارزاً أكثر وأجمل في
تردادك قائلا:

فأنت الجموح
وأنت الجروح
وأنت الطموح

وكأنه عويل نائحة تتوجع ألم فراق فقيدها..
ربما كانت تلك النائحة أمّةً.. أو أرضا.. أو نفْساً توزعت
في أرجاء قلوب كل عربي نعى
تلك الجروح المنفتقة والآمال الذبيحة..

اسمح لي أن أعبر عن إعجابي بمطلع القصيدة
وكأنه خلاصة منتهاها ومفتاح ختامها

سنقرؤك الآن
سِفراً .. جديدا..

فهل نهاية الشاعر ميلاد له من جديد؟
أم أنه لم يرحل بل انتقل نقلة
جديدة في دماء ساخنة عربية؟
هل هو ميلاد صحوة؟ أم انتقال جيل آت؟

ثم.. هل يأتي الختام مفسراً لمطلع القصيدة..؟
أنت فيها وما زلت
تعبق في زهرة اللوز
في نكهة الأقحوان..

فمتى تعود الدماء الساخنة لرجال
ولدتهم طيور رعدك شاعرنا الكريم؟